سجلت أسعار الصرف في اليمن تغيرات طارئة خلال الساعات الأخيرة، حيث انخفض سعر صرف الريال السعودي إلى 600 ريال يمني، بينما تراجع سعر الدولار الأمريكي إلى 2350 ريال يمني، وجاء هذا التحسن في قيمة الريال اليمني بعد انهياره المتسارع خلال الأشهر الماضية ووصوله إلى حاجز الثلاثة آلاف أمام الدولار الأمريكي، و750 أمام الريال السعودي.
الريال اليمني يواصل التعافي ويصل إلى 600 أمام الريال السعودي ومحافظ البنك المركزي يكشف عن مفاجأة نوعية
أثار التحسن المفاجئ في قيمة الريال اليمني خلال الساعات الماضية العديد من التساؤلات عن أسباب هذه التغييرات المالية خصوصًا وأنها لم تستند إلى أسس اقتصادية أو معالجات فعلية مثل إعادة إنتاج وتصدير الغاز والنفط وحشد الموارد المالية.
وللإجابة على هذه التساؤلات، أوضح الصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية، وفيق صالح، أن التحسّن الأخير في سعر صرف الريال اليمني يعود إلى تحولات رقابية صارمة فرضها البنك المركزي اليمني مؤخرًا، بعد أن أدرك فشل سياساته السابقة في إخضاع السوق لقانون العرض والطلب.
وأكد وفيق صالح عبر حسابه على منصة إكس: "لا أدوات مالية أو نقدية وراء التحسن النسبي في قيمة الريال في الوقت الراهن"، وأوضح أن البنك المركزي كان قد سمح في السابق للسوق أن يتحكم بقيمة العملة عبر آلية العرض والطلب، وهو ما فتح المجال أمام المضاربين والسوق السوداء للهيمنة على السوق المصرفية، ما أدى إلى انهيارات متكررة وسريعة للريال، لكن الوضع تغير مؤخرًا، حيث بدأ البنك المركزي بتشديد قبضته على عمليات بيع وشراء العملات، وتطبيق نظام رقابي صارم لتتبع الأموال ومراقبة حركة السوق.
وأضاف: "مثلما كان صعود العملات الأجنبية غير طبيعي، ولم يكن لأسباب حقيقية تتعلق بجانب العرض والطلب، فإن هذا التراجع أيضًا لا يعكس بالضرورة استقرارًا اقتصاديًا، بل هو نتيجة مباشرة للتدخل الحازم من قبل البنك المركزي".
خطوات حازمة من البنك المركزي اليمني
وكان البنك المركزي اليمني قد أعلن عن خطوات حازمة خلال الأيام الماضية لوقف انهيار الريال اليمني، وتدخل بشكل مباشر لوقف المضاربات في سوق العملة، من خلال إيقاف عشرات شركات ومنشآت الصرافة المخالفة وهو ما انعكس إيجابيًا على سعر صرف العملة الوطنية اليمنية.
وفي إحاطة مقدمة لمجلس الوزراء اليمني أمس الأربعاء، كشف محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب أن عن حزمة إجراءات نقدية وتنظيمية اتخذها البنك مؤخرًا وبدأت تؤتي ثمارها، أبرزها وقف المضاربات في سوق العملة وإيقاف شركات ومنشآت الصرافة المخالفة ونقل المنظومة المصرفية بالكامل إلى عدن.
وأشار غالب أن من أسباب استقرار الريال اليمني وتحسن قيمته أمام العملات الأجنبية هو توقف البنك المركزي عن أي إصدار نقدي جديد، وتفعيل أدوات السياسة النقدية، واستخدام أدوات الدين العام، وتدخّل مباشر في السوق عند ارتفاع أسعار الصرف.
وأضاف المحافظ أن البنك المركزي حاليًا بصدد إطلاق الشبكة المصرفية الموحدة بقيادة البنوك نفسها، مؤكدًا أن ذلك سيُحدث تحولًا نوعيًا في آليات الرقابة والالتزام، إضافة إلى إطلاق نظام المدفوعات الجديد بدعم مباشر من البنك الدولي، ما يعزز رقمنة المعاملات ويوسّع الشمول المالي.
تخوف الشارع اليمني ومطالبات بإصلاحات فعلية
رغم التحسن الملحوظ في قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، إلا أن المخاوف لا زالت تسيطر على الشارع اليمني من حدوث انتكاسة مفاجئة للريال اليمني تتسبب بإنهياره إلى أكثر من ما كان عليه قبل هذا التحسن المفاجئ.
ويطالب الشارع اليمني بإجراء إصلاحات فعلية ومعالجة الاختلالات في تحصيل موارد الدولة، وضمان توريدها إلى الحسابات الحكومية الرسمية، وهو ذات الطلب الذي شدد عليه محافظ البنك المركزي في تقريره الأخير أمام مجلس الوزراء اليمني، وأوضح أن ذلك هو السبيل لضمان الاستقرار الاقتصادي وتخفيف معاناة المواطنين.