الارشيف / عالم التقنية

دراسة جديدة.. مخدّر قوي يحاكي تجارب الاقتراب من الموت ويكشف أسرار الوعي

باسل النجار - القاهرة - الخميس 31 يوليو 2025 12:33 مساءً - في خطوة علمية لافتة، توصل باحثون إلى أن أحد أقوى المركبات النفسية المعروفة، وهو ثنائي مثيل التربتامين (DMT)، قادر على محاكاة تجارب "الاقتراب من الموت" التي يرويها الناجون من الموت السريري، ما يفتح الباب أمام فهم أعمق لظواهر الوعي الإنساني وما يحدث في لحظاته الأخيرة.

الدراسة، التي أجراها فريق بحثي بريطاني، كشفت عن تشابهات مدهشة بين تأثيرات مخدر DMT والتجارب الروحية التي يصفها من مروا بلحظات ما بين الحياة والموت. وتشمل هذه التشابهات رؤى أنوار ساطعة، إحساس بالانفصال عن الجسد، شعور بالسلام العميق، وأحيانًا استعراض سريع للحياة.

لكن الباحثين لم يغفلوا عن فروق دقيقة بين التجربتين. إذ تبدو تجارب الاقتراب من الموت أكثر اتصالًا بالذكريات والتجربة الشخصية، فيما تتسم تجارب الـDMT بقدر أكبر من التجريد والرمزية، وتتضمن أحيانًا رؤى "كونية" خارجة عن المألوف.

ومن أجل رصد التجربة في بيئة طبيعية، اختار الفريق البحثي 36 متطوعًا لتعاطي جرعات محسوبة من DMT في منازلهم، بينما تم تسجيل وتحليل التجربة بدقة باستخدام أدوات علمية متقدمة. النتائج أظهرت أن بعض تجارب الاقتراب من الموت تشبه بالفعل ما يختبره متعاطو DMT، بينما يظل جزء آخر منها مختلفًا تمامًا، ما يضيف مزيدًا من التعقيد والغموض.

لكن كيف لمركّب كيميائي أن يستحضر هذه التجربة الخارقة؟

يفترض العلماء أن DMT يؤثر في مستقبلات السيروتونين في الدماغ، مما يغير إدراك الواقع والوعي بالذات. ومع ذلك، يبقى الغموض قائمًا: هل يُفرز DMT بشكل طبيعي في الدماغ خلال لحظات الموت؟ البعض يرى أن نقص الأكسجين أو تلف الخلايا العصبية قد يحفّز هذه الظاهرة، في حين يشكك آخرون في أن تركيزاته الطبيعية تكفي لإحداث مثل هذه التأثيرات العنيفة.

الأكثر إثارة في الدراسة هو اكتشاف الباحثين لنوع "غير تقليدي" من تجارب الاقتراب من الموت، تتشابه بشكل أقرب مع تجارب الـDMT من الوصف الكلاسيكي المعروف. هذا يطرح فرضيات جديدة تتعلق بالخلفية الثقافية للأشخاص أو الفروقات الكيميائية في أدمغتهم.

آفاق علاجية جديدة

بعيدًا عن الأبحاث النظرية، تلوح في الأفق إمكانيات طبية واعدة، إذ أبلغ كثير ممن خاضوا تجربة الـDMT أو مروا بلحظات الاقتراب من الموت عن تغيّر جذري في نظرتهم للحياة والموت، مع انخفاض حاد في مشاعر القلق والاكتئاب. هذه النتائج قد تمهد الطريق لاستخدام مركبات مثل DMT في علاج القلق الوجودي لدى مرضى الأمراض المميتة أو من يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة.

اللافت أن هذه الاكتشافات تتقاطع مع معارف تقليدية قديمة، حيث تستخدم بعض قبائل الأمازون منذ قرون نباتات تحتوي على DMT في طقوسها الروحية، باعتبارها وسيلة للاتصال بالعالم الآخر.

ومع استمرار البحث في هذا المجال، يبدو أن العلم يقترب من إعادة تعريف مفهوم الوعي وحدود الحياة، وربما يفك قريبًا بعضًا من أعقد أسرار النفس البشرية.

للمزيد تابع

الخليج 24 على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك
Advertisements
Advertisements

قد تقرأ أيضا