عالم التقنية

دراسة حديثة: "عامل خفي" في الهواء يسبب طفرات جينية تؤدي إلى سرطان الرئة لدى غير المدخنين

باسل النجار - القاهرة - الجمعة 4 يوليو 2025 03:25 مساءً - كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود علاقة وثيقة بين تلوث الهواء وحدوث طفرات جينية مسببة لسرطان الرئة لدى الأشخاص الذين لم يسبق لهم التدخين، في تطور قد يغير فهم المجتمع الطبي لأسباب الإصابة بهذا النوع من السرطان.

ووفقًا للباحثين، فإن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة نحو تفسير الارتفاع المستمر في نسبة غير المدخنين بين مرضى سرطان الرئة، وهي ظاهرة وصفها العلماء بأنها "مشكلة صحية عالمية ملحة وسريعة النمو".

وقال البروفيسور لودميل ألكساندروف، من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إن الفريق لاحظ هذا الاتجاه المقلق منذ فترة، لكنه لم يتمكن من تحديد أسبابه حتى الآن. وأكد أن الدراسة الجديدة تظهر علاقة قوية بين التعرّض لتلوث الهواء وحدوث نفس الطفرات الجينية التي تظهر عادة لدى المدخنين المصابين بسرطان الرئة.

واعتمدت الدراسة، ضمن مشروع بحثي يُعرف باسم "شيرلوك-لانغ"، على تحليل الجينوم الكامل لأورام رئوية من 871 مريضًا غير مدخن من أربع قارات، وتوصلت إلى أن ارتفاع مستويات تلوث الهواء يرتبط بعدد أكبر من الطفرات المسببة للسرطان لدى سكان تلك المناطق.

ومن أبرز الاكتشافات، ربط الباحثون بين التعرض للجسيمات الدقيقة (PM2.5) وحدوث طفرات في جين TP53، الذي يُعد من الجينات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسرطان الرئة بين المدخنين. كما لاحظ العلماء أن التعرّض المفرط للتلوث يؤدي إلى قصر التيلوميرات — وهي الأجزاء الواقية في نهايات الكروموسومات — مما يشير إلى تسارع انقسام الخلايا، وهو سلوك شائع في الخلايا السرطانية.

وعلّقت الدكتورة ماريا تيريزا لاندي، عالمة الأوبئة في المعهد الوطني للسرطان بالولايات المتحدة، بأن الظاهرة تمثل "تحديًا عالميًا متناميًا يتطلب تكثيف الجهود البحثية لفهم آلياته بشكل أعمق".

وتأتي هذه النتائج في وقت يشهد فيه العالم تراجعًا في معدلات التدخين، لا سيما في الدول المتقدمة، مقابل زيادة في نسب الإصابة بسرطان الرئة بين غير المدخنين. وتشير التقديرات إلى أن نحو 10% إلى 25% من حالات سرطان الرئة الجديدة تُسجل لدى أشخاص لم يدخنوا قط، وغالبية هذه الحالات تنتمي إلى النوع الغدي (Adenocarcinoma) من السرطان.

ولا يزال سرطان الرئة يحتفظ بموقعه كأكثر أنواع السرطان فتكًا عالميًا، إذ يُسجل سنويًا نحو 2.5 مليون إصابة جديدة، وتتصدّر الصين قائمة الدول من حيث عدد الوفيات، بمعدل يتجاوز مليون حالة سنويًا، نتيجة لمزيج من العوامل، أبرزها التدخين والتلوث البيئي.

ومن اللافت أن الدراسة لم تسجل تأثيرًا كبيرًا للتدخين السلبي على الطفرات الجينية، لكنها رصدت خطرًا عاليًا مرتبطًا ببعض الأدوية العشبية الصينية التي تحتوي على حمض الأرستولوشيك، حيث ظهرت طفرات مميزة لدى المرضى غير المدخنين في تايوان.

وفي تطور مثير للاهتمام، كشفت الدراسة عن وجود طفرة غامضة ظهرت فقط لدى مرضى سرطان الرئة من غير المدخنين، ولم تُلاحظ عند المدخنين، ما دفع الباحثين إلى تركيز جهودهم المستقبلية على تحليل هذه الظاهرة الغامضة لفهم أبعادها وأسبابها.

للمزيد تابع الخليج 24 على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

Advertisements
Advertisements

قد تقرأ أيضا