في عالم يتسارع فيه تطور التكنولوجيا، لم تعد العدالة حكرًا على القضاة والأنظمة التقليدية. فاليوم، تدخل محاكم دبي في حوار استراتيجي قد يغيّر شكل القضاء كما نعرفه، حيث تبحث بشكل معمّق في كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير المنظومة القضائية، في خطوة تثير التساؤلات حول مستقبل القاضي البشري وأخلاقيات القرارات الرقمية.
محاكم دبي تُعيد تشكيل العدالة بواسطة الذكاء الاصطناعي
في خطوة غير اعتيادية، جمعت محاكم دبي خبراء من مختلف أنحاء العالم لمناقشة مستقبل العدالة تحت مظلة التكنولوجيا.
انعقدت الجلسة في 13 يونيو 2025، بمشاركة خبراء من المركز الوطني لإدارة المحاكم (NCSC) بالولايات المتحدة، وبالتعاون مع شركة "سيا بارتنرز". وركزت الجلسة على تحليل فرص ومخاطر دمج الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في العمل القضائي. تم استعراض تجارب عملية من المحاكم الأميركية، مع تسليط الضوء على ريادة دبي في الرقمنة القضائية.
الذكاء الاصطناعي بين تطوير العدالة وإثارة الجدل:
رغم الترحيب بالتطور، أثارت بعض النقاشات حول الذكاء الاصطناعي تساؤلات أخلاقية وقانونية خطيرة لا يمكن تجاهلها.
تناول المشاركون قضايا مثل ضمان الحياد في أحكام الذكاء الاصطناعي، وحماية الخصوصية عند معالجة البيانات القضائية، بالإضافة إلى مخاوف من الانحياز البرمجي. وأكّد نائب مدير محاكم دبي، القاضي عمر ميران، على ضرورة تأهيل وتدريب الكوادر القضائية لمواكبة هذه التحولات وتجنب التحديات القانونية المحتملة.
المزايا المحتملة في تطوير القضاء:
ورغم المخاوف، فإن هناك فوائد واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء ومن أبرزها:
- تسريع إصدار الأحكام وتقليل زمن الفصل في القضايا.
- تقليل الأخطاء البشرية وتوحيد الإجراءات.
- خفض التكاليف القضائية وتحقيق وفورات حكومية.
- إمكانية تحليل كمّ هائل من البيانات لدعم القاضي في اتخاذ القرار.
تجارب عالمية تثبت فعالية الدمج الرقمي في القضاء
العالم لا ينتظر، وهناك دول سبقت دبي في هذا المضمار، فماذا كانت نتائجها؟
استعرضت الجلسة تجارب المحاكم الأميركية في استخدام خوارزميات تساعد في تحديد احتمالات تكرار الجرائم أو تقدير المخاطر في قضايا إطلاق السراح المشروط. ورغم تحقيق نتائج إيجابية، إلا أن هذه التطبيقات واجهت انتقادات بسبب التمييز العرقي والتحيّز الخوارزمي، ما يفرض على دبي تطوير منظومتها الخاصة وفق معايير أكثر صرامة وشفافية.
إعادة تعريف دور القاضي في عصر الآلة:
مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى قاعات المحاكم، هل نحن أمام نهاية دور القاضي التقليدي؟
النقاش لم يغب عن حقيقة أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن القاضي، بل أداة مساعدة. ومع ذلك، قد يتغير دور القاضي من اتخاذ القرار إلى الإشراف على القرارات الرقمية. هذا التحول يتطلب تغييرًا جذريًا في تأهيل القضاة الجدد وتحديث المناهج القانونية لتشمل علم البيانات والأخلاقيات الرقمية.
العدالة الرقمية ليست دائمًا محايدة... فهل نثق في شفافية الخوارزميات؟
يواجه العالم إشكالية متزايدة في فهم الخوارزميات التي تُبنى عليها قرارات الذكاء الاصطناعي. فإذا كانت هذه الخوارزميات مبنية على بيانات قديمة أو غير ممثلة، فقد تُكرّس الأنظمة القضائية تحيزات قائمة دون قصد. لذا شدد الخبراء في الجلسة على أهمية إنشاء خوارزميات مفتوحة المصدر وقابلة للتدقيق.